شهد الواقعُ التربوي والتعليمي في وادي حضرموت منذ تحقيقِ الوحدة اليمنية المباركة في الـ22 من مايو عام 1990م طفرةً نهضويةً محسوسة على كافة جوانب ومكونات العملية التربوية والتعليمية ـ نوعيةً وكِمية ـ , حيث واكبت هذه النهضة التزايد المحسوس الذي طرأ على النشاط السكاني في الوادي عشية الوحدة ، الذي هيأه الاجتذاب المحقَّق من الوضع السياسي والأمني والاستقرار الملموس الذي عمَّ الوطن بعد الوحدة .
ويعتبر ( وادي وصحراء حضرموت ) من المناطق التي عم خيرُ الوحدة بواديها وحضرها على حدٍ سواء , حيث حواها اهتمامُ القيادةِ السياسية ممثلةً في فخامةِ الأخ الرئيس/ علي عبد الله صالح - رئيس الجمهورية ، كونها من المناطق الحيوية في الجمهورية وذات تأثيرٍ ثقافي واقتصادي وتاريخي حاضرٍ وواعد .
فقد أعتبر " وادي حضرموت والصحراء " حسب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (192) الصادر في عام 1998م وحدةً إداريةً مستقلة تتبعُ " محافظة حضرموت " ، وعليه فقد تم إنشاءُ مكتب وزارة التربية والتعليم لمديريات الوادي والصحراء والكائن بمدينة سيئون أسوةً بمختلف محافظات الجمهورية , سعياً نحو تخفيف العبء الإداري والفني عن المكتب الرئيسي القائم في عاصمة المحافظة ( المكلا ) ، وذلك تقديراً من القيادةِ السياسية لظروف المساحة الجغرافية الكبيرة للمحافظة ـ التي تعد من أكبر محافظات الجمهورية مساحةً ـ وتخفيفاً عن كاهل المواطنين لعبء الانتقال من وإلى مركز المحافظة لمتابعة قضاياهم .
ووفق هذا القرار فقد تشكَّل في الوجود كيانٌ تربوي واسع ، يتميَّز بترامي الأطراف ـ مساحةً ـ , وبتشتت المراكز التعليمية تبعاً لمناطق التجمُّع السكاني الذي تقتضيه ظروف البيئة التي يغلب عليها النمط الريفي أوالبدوي في عددٍ من المراكز التعليمية الصحراوية ـ بشرياً ـ , وهي الخصوصية التي تطبع العمل التربوي في وادي حضرموت والصحراء دوناً عن بقية المحافظات وذلك بمقتضيات الاحتياجات المادية والبشرية والإمكانيات المتاحة منها على أرض الواقع .
ومن الجدير بالذكر أننا ـ في مكتب وزارة التربية والتعليم بوادي حضرموت والصحراء نقف على إرثٍ تاريخي من التميُّز والاستقرار التعليمي في منطقةٍ تعتبر من المناطق الرائدة تاريخياً في اليمن في مجال التعليم النظامي والأهلي , حيث تذكر المصادرُ التاريخية بأن أول مدرسة تعليمٍ نظامية أهلية تم افتتاحُها في مدينة ( تريم ) عام 1918م , وهو الأمر الذي دفع بنا إلى تكوين لجنةٍ من قدامى التربويين في الوادي للبحث والاستقصاء في مجال " تاريخ التعليم " وتدوينِه في كتابٍ يجري العملُ حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لإصدارِه خلال احتفالات الوطن بالعيد الثالث والأربعين لثورة 26 سبتمبر الأم , ليكون مرجعاً للأجيال يدوِّن جهود الآباء المؤسسين للنظام التعليمي المتميِّز الذي نعيش تجلياته الآن .